الرئيسيةأخبار مصر والعالم

زيوت التشحيم: العماد الرئيسي لقرن من تطوّر المحرّكات والسيارات

زيوت التشحيم: العماد الرئيسي لقرن من تطوّر المحرّكات والسيارات

بقلم: فوستو لوبون، الخبير في قطاع السيارات لدى بتروناس العالمية لزيوت التشحيم

شهد القرن الماضي نقلة علميّة نوعيّة في مجال المحرّكات، والتي عزّزت من قدرات المركبات الصناعية والتجارية وسيارات السباق بما يلبّي احتياجات السائقين. ولم نكن لنشهد وصول هذه الابتكارات إلى ما هي عليه الآن لولا الخطوات الواسعة التي حققتها تقنية زيوت التشحيم.

قد تبدو زيوت التشحيم مسألة ثانوية بالنسبة للمشتري الصناعي أو للسائق الجديد الذي يتطلع لإجراء اختباره في أسرع وقت، والقيادة على الطريق، إلا أنها تلعب في الحقيقة دوراً أساسياً في صناعة السيارات؛ إذ تحوّلت في الواقع إلى عامل رئيسي للأداء العالي الذي يحث القطاع بمختلف مستوياته لدفع عجلة الابتكار والتطور.

ويبيّن خبراء بتروناس فيما يلي دور قوّة زيوت التشحيم ومرونتها في رسم ملامح المحرّكات في الماضي، وصياغة مستويات أداء مخصّصة في الحاضر، وتحوّلها إلى شريك أساسي لمبتكري مستقبل المحرّكات والسيارات.

تراث حافل بالتركيبات الحائزة على جوائز

لطالما اعتبرت زيوت المحرّك عنصراً أساسياً من أدوات السائقين، وواحداً من المكوّنات الرئيسية لتحديد مستوى الأداء.

وخفّضت هذه زيوت التشحيم الأولى معدلات الاحتكاك بأكثر من طريقة. إذ برزت مع ابتكارات المحركات البخارية بعد الثورة الصناعية، وظهرت إلى جانب السيارات عند دخولها إلى الساحة الدولية. وبفضل قدرتها على تحسين أداء المحرّكات وإطالة عمرها، ساعدت زيوت التشحيم عالية الجودة السائقين الأوائل في اختبار قيادة سلسة أول مرة، ومهّدت الطريق أمام قبول السيارات وتطويرها؛ وأثبتت للعالم أن قيادة السيارة دون احتكاك أفضل بكثير من امتطاء “الخيول الأكثر سرعة” التي كان الناس يطالبون بها آنذاك.

وجاء تطوّر زيوت التشحيم مواكباً لتطوّر المركبات. وعلى سبيل المثال، افتتحت شركة فيات قسمها الخاص بزيوت التشحيم عام 1912، وصمّمت سوائل “التعبئة الأولى” التي سرعان ما أصبحت معياراً في القطاع لتحقيق الأداء الأمثل على الطريق. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية ازدادت الحاجة إلى المركبات العسكرية عالية الأداء، حيث ظهر دور زيوت التشحيم في ذلك. وكان لهذه الجودة والتنوّع الجديد في زيوت المحرّكات بعد الحرب دوراً كبيراً في النهوض بقطاع السيارات من حيث تنوّع التصاميم لتلبية احتياجات السائقين في ستينيات القرن العشرين.

ولطالما قدمت عملية تطوير التركيبات والتصنيع مركبّات ساهمت في تلبية احتياجات أحدث التقنيات المعاصرة. ونتيجة لذلك، تشهد مسيرة ابتكار السيارات وتيرة دعم مستمرّة بفضل معرفتنا بإمكانية دعم الأنواع الجديدة من المحركات والمواد عبر شركات رئيسية في تصنيع زيوت التشحيم.

التعاون لتحقيق أفضل النتائج الممكنة

بفضل قرن من التطوّرات النوعيّة لتكنولوجيا السوائل، أصبحت صناعة زيوت التشحيم أكثر قدرة على نشر قيادة المركبات على صعيد أوسع في الوقت الحديث، ما يعني ضمان قدرة كل قطاع أو فرد على تأمين أعلى أداء ممكن من سيارته بغض النظر عن شركة التصنيع أو النموذج.

ويكفل التعاون الوثيق بين شركات تطوير زيوت التشحيم ومصنّعي المعدات الأصلية تحقيق التوافق الأمثل بين الآلة والمنتج. ويتوجب على الفريقين تبادل المعرفة ومساحات العمل لضمان التصميم المشترك لزيوت تشحيم تحقق أعلى المعايير لمركبات معينة. ويسهم الالتزام المستمر بالأبحاث عالية الجودة في تمكين شركات تصنيع زيوت التشحيم من الاهتمام بجميع التفاصيل، وفهم احتياجات المعدات، والتعرف على التحديات لصياغة أفضل النتائج التي يتطلبها عملاء شركات تصنيع المعدات الأصلية.

وعلى سبيل المثال، ساهم تطوير مخطط مثل برنامج حلول تكنولوجيا السوائل (FTS) من بتروناس العالمية لزيوت التشحيم، في زيادة إنتاجية العملاء، من خلال منتجات وخدمات عالمية تعزز القيمة، تم تحسينها بما يلبي احتياجات محدّدة. ومن خلال أبحاث تفصيلية حول المستخدمين والسوق، وإجراء تحليل للمتطلبات التنظيمية والتعاون بين المهندسين والعلماء، تعزز هذه المخططات وضع منهجية فريدة لإنتاج وتوفير السوائل الصحيحة للمستخدم المناسب.

ويعد تطوير زيوت التشحيم الخاصّة بسيارات الفورمولا 1 مثالاً واضحاً على ذلك. وقد بدأ التعاون بين مرسيدس وبتروناس مع قيام بتروناس العالمية لزيوت التشحيم بهندسة الوقود وزيوت التشحيم بشكل مستقل، ومن ثم تسليمها إلى فرق مرسيدس لتختبرها. إلا أن بداية التكامل والتعاون بين الفريقين في عام 2014، عزّزت أعمالهما ليتمكن متخصّصو بتروناس من اكتساب فهم أفضل للجوانب الفنية لمحرك مرسيدس، ما أسهم بالارتقاء بمستويات الثقة والكفاءة وتحقيق أفضل النتائج. وكانت النتائج ملموسةً على الفور، حيث حقق فريق مرسيدس إيه أم جي بتروناس الفوز في كل بطولة منذ ذلك الحين.

تعزيز مستقبل المحرّكات المستدامة

لطالما اتسمت صناعة زيوت التشحيم بقابليتها الكبيرة للتكيّف مع تطوير التقنيات الجديدة للسيارات. وتماشياً مع التحول الكبير الذي تشهده المحرّكات حالياً نحو الاستدامة، تقود علوم زيوت التشحيم الطريق عبر تمكين التقنيات الأكثر استدامة من تحقيق إمكاناتها، ما يثبت في نهاية المطاف قيمة المركبات الصديقة للبيئة بالنسبة لشركات التصنيع والمستثمرين والمستهلكين.

وتسير أبحاث زيوت التشحيم لتمكين السيارات الهجينة والكهربائية على قدم وساق في أفضل مختبرات تطوير سوائل السيارات في العالم، وبما يواكب انتعاش الطلب على هذه السيارات. وتتطلب محركات السيارات الكهربائية عدة أنواع من السوائل، تشمل زيوتاً لتروس تخفيض السرعة في وحدة نقل الحركة بالسيارات الكهربائية، وزيوتاً مصممة للمحرّك الكهربائي الذي يعتمد على خاصية التبريد بالزيت. وتركز الفرق جهودها في البحث والتطوير على سوائل الإدارة الحرارية للبطارية، وهي أساليب تساعد السيارات الكهربائية في تحقيق أقصى أداء عند التشغيل في ظروف مختلفة، وإطالة عمر البطارية.

وتجري جهود الابتكار المعنية بأداء السيارات بوتيرة تواكب سرعة تطوير السيارات من حيث الإنتاج والتصميم. وتبدأ العمليتان النقاش؛ حيث تعتبر النقاشات التي تدور خلال ندوة بتروناس لسوائل السيارات الكهربائية نتيجة مباشرة للعناية بالسيارات التي انطلقت في مرآب شركة فيات قبل أكثر من مئة عام. وتفضي هذه النقاشات إلى ابتكارات تعتبر بمثابة شهادة على هذا التميز المستمر، وتتمثل في السوائل الحرارية للبطاريات لتوفير الطاقة الكهربائية على نحو أفضل؛ وسوائل لإدارة الاحتكاك في أنظمة مجموعة القيادة المتكاملة؛ والجيل التالي من شحوم المحامل لقيادة أكثر هدوءاً، وأداء أفضل على المدى الطويل. وتحافظ تقنية زيوت التشحيم على مكانتها كجهة داعمة للتطور والتقدم نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

ويأتي الحد من النفايات على رأس جدول أعمال شركات تصنيع زيوت التشحيم، حيث لا يزال بإمكان السيارات القديمة تحقيق أقصى أداء لها عبر تطوير مواد تشحيم حديثة تعتمد على مواصفات الزيت الأصلية من الشركة المصنّعة. وبفضل استخدام الإضافات الأكثر ملاءمة، والتقنيات الأكثر تطوراً لضمان حماية المحركات القديمة من التلف والتآكل، تتيح زيوت التشحيم الحديثة للسيارات القديمة مستويات رفيعة من الفعالية والأداء. ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إطالة عمرها الافتراضي، وتأخير عملية التخلص منها والتي تتسبب بقدر كبير من التلوث.

زيوت التشحيم تمكّن السائقين من مواكبة وتيرة الابتكار

نحن نعيش العصر الذهبي لقطاع السيارات، حيث تسهم تحديات الاستدامة، التي تترافق مع الانتشار الواسع للتكنولوجيا، في دفع تقنيات رائدة جديدة إلى السوق باستمرار. وينبغي أن يتمتع كل منها بكفاءة طويلة الأمد، قادرة على تلبية توقعات السائقين، والحد من التأثير على البيئة. وستتحول زيوت التشحيم عالية الجودة إلى جزء أساسي من جهود تمكين السيارات من تلبية هذا المعيار العالمي – على غرار ما كانت عليه طوال تاريخ السيارات ذات المحركات الحديثة.

COMMENTS