مع تسارع المملكة العربية السعودية في مساعيها لخصخصة الأندية الرياضية، أصدرت مجموعة ديلويت للأعمال الرياضية دراسة جديدة تقدّم رؤى أساسية للمستثمرين المحتملين في الأندية الرياضية، كما ترسم خارطة طريق لملكية مستدامة ومربحة.
تُلقي الدراسة الضوء على نهج من أربع مراحل، يهدف إلى تحويل الأندية من كيانات تشغيلية إلى مؤسسات تجارية ناجحة، تبدأ باستراتيجية أساسية تُعرف بـ”أول 100 يوم”. وقد أُعدَّت هذه الاستراتيجية لتزويد المالكين الجدد بخطوات عملية تهدف إلى إنشاء هيكليات مؤسسية ونظم حوكمة وتحقيق الاستقرار المالي، ممّا يمهّد لمسار نمو يُثمر نجاحًا على المدى الطويل.
وكانت قد شهدت السنوات القليلة الماضية استثمارات لافتة للمملكة العربية السعودية في القطاع الرياضي، حيث قام صندوق الاستثمارات العامة بعدد من عمليات الاستحواذ البارزة على أندية مثل الهلال، والنصر، والاتحاد، والأهلي، إلى جانب استحواذ شركة أرامكو السعودية على نادي القادسية، واستحواذ هيئة تطوير بوابة الدرعية على نادي الدرعية.
تتماشى هذه الاستثمارات مع رؤية المملكة 2030 التي تتطلّع إلى تحقيق التنوّع الاقتصادي ، والتي تهدف إلى تعزيز الاستقلال المالي للأندية الرياضية وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، من 2.4 مليار ريال سعودي (640 مليون دولار أمريكي) عام 2016 إلى ما يُقدّر بنحو 18 مليار ريال سعودي (4.8 مليار دولار أمريكي) بحلول عام 2030.
تعليقًا على إصدار التقرير، قالت إزي راي من مجموعة الأعمال الرياضية في ديلويت الشرق الأوسط: “تمثّل خصخصة الأندية الرياضية السعودية نقلة نوعية في هذا القطاع، حيث تتيح فرصًا هائلة للنمو. ومع وجود خطة قوية لتحويل الأندية، يمكن للملّاك الجدد تعزيز الحوكمة ودفع النجاح التجاري والمساهمة في إنشاء كيانات رياضية عالمية المستوى”. وأضافت راي: “يقدّم إطار عمل ’ديلويت‘ خارطة طريق عمليّة تضمن أن تحقّق هذه الاستثمارات النجاح المالي والأثر الثقافي والمجتمعي على حد سواء.”
سوقٌ مزدهرة على أعتاب تحوّل كبير
تسلّط دراسة ديلويت أيضًا الضوء على مسار النمو السريع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تدفع السعودية الفورة الرياضية في المنطقة. ومع توقّع ارتفاع السوق بنسبة 8.7٪ بحلول عام 2026، متجاوزةً المعدل العالمي البالغ 3.3٪، توفّر المملكة فرصاً استثمارية جذّابة للراغبين في خوض السوق الرياضية.
تشير ديلويت إلى أن الشباب السعودي، الذي يتميّز بوعي رقمي مرتفع حيث إنّ 63٪ من المواطنين هم دون سن الثلاثين، يشكّل قاعدة جماهيرية مثالية لتعزيز التفاعل مع الرياضة. ومن المرجّح أن يُحرك هذا الجمهور الحيوي الطلب على التجارب الغامرة والتفاعلات الرقمية، وعناصر التلعيب في المحتوى الرياضي.
خطّة نجاح: نموذج ديلويت
يُحدّد إطار عمل ديلويت نهجاً من أربع مراحل لمالكي الأندية الرياضية الجدد، يشمل: السيطرة، والبناء، والتشغيل، والتحوّل. في الأيام المئة الأولى الحاسمة، يُركّز على إنشاء هيكل للحوكمة، والتحكّم بالشؤون المالية وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى التوظيف الأساسي. تُشدّد المراحل اللاحقة على الكفاءة التشغيلية، ووضع خطط أعمال مفصّلة بحسب النادي، و النمو المربح. أمّا على المدى الطويل، فيعتمد التحوّل على التكيّف مع توجهات السوق، مما يسمح للأندية بالحفاظ على النجاح والبقاء في دائرة المنافسة. تشكّل هذه الخطوات مجتمعةً دليلاً لمالكي الأندية السعودية نحو إنشاء مؤسسات رياضية تجارية ذات تأثير ثقافي، تجذب الجماهير حول العالم.
الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للخصخصة
تُعتبر الخصخصة عنصرًا أساسيًا من طموح المملكة العربية السعودية برفع مستوى الدوري السعودي للمحترفين منافسًا ليُضاهي مستوى الدوريات الأوروبية الكبرى. ويُشدّد التقرير على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لهذه المبادرة؛ وتشمل جذب المستثمرين الدوليين، ورفد النمو الاقتصادي المحلي، وتعزيز ثقافة رياضية أكثر حيوية في المنطقة.
نظرة إلى المستقبل
تأتي موافقة الحكومة السعودية مؤخرًا على خصخصة 14 ناديًا إضافيًا لتُثبت التزامها برفع مستوى الاحترافية على صعيد القطاع الرياضي. وتتوافق هذه الجهود مع خطط بناء استادات متطورة واستضافة أهمّ الفعاليات الرياضية، مثل كأس آسيا 2027، وكأس العالم لكرة القدم 2034، ما يُبشر بمستقبل واعد للرياضة السعودية.
بالنسبة للمستثمرين في قطاع الرياضة، فإنّ هذا التحوّل التاريخي يُوفّر فرصة مزدوجة: تحقيق العوائد الاقتصادية، والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 الأوسع نطاقًا.
تُعدّ دراسة ديلويت الأخيرة والدقيقة دليلًا أساسيًا للمستثمرين لخوض رحلة التحوّل هذه، حيث تقدّم للأندية الرياضية ميزة الأسبقية في سوق ديناميكية سريعة التطور وتزخر بإمكانات وفرص عالية.
COMMENTS