شهدت العديد من البلدان مؤخراً اضطرابات عالمية هائلة في سلسلة التوريد بسبب ارتفاع الطلب العالمي، وزيادة تكاليف الشحن (أكثر من 300 في المائة مقارنة بالعام الماضي) وأسعار السلع (أكثر من 33 في المائة مقارنة بالعام الماضي)، وتكاليف الطاقة (أكثر من 20 في المائة مقارنة بالعام الماضي) بسبب انخفاض إمدادات الغاز والبنزين ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وحتى بسبب الاضطرابات التي تصيب أنماط الطقس. في بيئة تنافسية غير مسبوقة، يواجه قطاع السلع الاستهلاكية سريعة التداول ارتفاعاً حتمياً في الأسعار، ونحثه في هذا الإطار على اتخاذ إجراءات وإعادة تقييم استراتيجياته في التسعير.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الطريقة الأنسب التي يمكن للمصنعين من خلالها اجتياز هذه المرحلة المضطربة بنجاح، بالتعاون مع شركائهم من تجار التجزئة للنجاة والازدهار في المستقبل، تكمن في موضوع ذات صلة ناقشته مؤخراً شركة “نيلسن آي كيو” خلال ندوة عبر شبكة الإنترنت بعنوان “كيف تحقق أسعار الأراضي ارتفاعاً خلال الفترات المضطربة“، والموجهة إلى العملاء والشركاء في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
هذا وتدرك الشركات الرائدة أهمية مساهمة الربح في إدارة إستراتيجية التسعير الاستباقية. وتشمل الخطوات الخمس الرئيسية التي تتيح الاستفادة من استراتيجية التسعير، على النحو الذي أقرها الخبراء في “نيلسن آي كيو”، ما يلي:
- البحث باستمرار عن فرص التسعير
- تحديد إستراتيجية تسعير تتمحور حول المتسوق مستنيرة بنماذج استجابة دقيقة من قبل المتسوق
- توقع إجراءات واستجابات تسعير تنافسية
- تفعيل خطة تقدير صافية للأسعار مع عرض كامل لاقتصاديات الربح والخسارة الخاصة بتجار التجزئة
- دعم خلق القيمة بواسطة خطط ابتكارية من شأنها الإفساح في المجال لتحقيق النمو المرجو.
ووفقاً لـديديم سيكيريل-إردوغان، رئيس شؤون التحليلات في شركة “نيلسن آي كيو” في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا:
“يحتاج تجار التجزئة والمصنعون الآن أكثر من أي وقت مضى إلى مساعدة المستهلكين على إدارة إجمالي نفقات سلة التسوق خاصتهم من خلال السماح لهم بمراجعة ميزانياتهم. نرغب في مساعدة عملائنا على تنفيذ استراتيجيات أسعار مستدامة، ورصد الفرص وتقديم الرؤى لصياغة أفضل هيكلية لإجمالي وصافي الأسعار والحفاظ على الربحية”.
وبالتزامن مع ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، يغير المستهلكون باستمرار سلوكيات الشراء والاستهلاك خاصتهم، ويسعون للتكيف مع الفترات المضطربة. في الوقت نفسه، يعمل الخبراء في شركة “نيلسن آي كيو” بجد لتحديد الأنماط عبر المناطق. إذ نرى، على سبيل المثال، أنّ مرونة الأسعار العادية تتواجد في النطاق ما بين المتوسط والمرتفع في العديد من الأسواق:
كما تنطبق الاختلافات على صعيد المرونة في جميع الفئات على الأسعار الترويجية. يقوم المستهلكون بإجراء تحولات إستراتيجية لإدارة ميزانيتهم بوعي عبر الإنترنت أو عندما يكونوا غير متصلين بالإنترنت. وفي هذا الصدد، يوضح سيكيريل-إردوغان قائلاً: “في حين تبقى العروض الترويجية أساسية لزيادة المبيعات، من المهم أن تتذكروا أنه لا يمكنكم ببساطة تطبيق الاستراتيجية نفسها على جميع الفئات. إذ ينبغي أن تأخذوا في الاعتبار أن ديناميكيات السوق قد تختلف بين الفئات والقطاعات والعلامات التجارية، وأن كل شيء يعتمد على المستهلك الهدف وكيفية تأثره بجائحة ’كوفيد-19‘“.
وباختصار، نستنتج أنّ المستهلكين يقومون بتغييرات إستراتيجية عندما يتعلق الأمر بالإنفاق ويصبحون أكثر دهاءً عند اتخاذ قرارات الشراء الخاصة بهم، وذلك من خلال اختيار منتجات لعلامة تجارية خاصة. ونظراً إلى أن الأسعار ترتفع، قد تغدو العلامة التجارية الخاصة بديلاً أكثر قابلية للتطبيق، خاصةً عندما تتوفر خيارات الأسعار المتدرجة للعلامات التجارية الخاصة. وباتت العلامات التجارية الخاصة تعكس الإستراتيجية الجديدة لخفض تكاليف البقالة وتستمر في اللحاق بركب حصص العلامة التجارية – إذ أنّ 46 في المائة من المتسوقين يختارون العلامات التجارية الخاصة حيثما أمكن ذلك (المصدر: خدمة قياس التجزئة في “نيلسن آي كيو” المملكة العربية السعودية، في الإمارات العربية المتحدة).
ختاماً، يمكن الاستنتاج أنّ حساسية المستهلك إزاء الأسعار آخذة في الازدياد، فيما تشهد مرونة الأسعار تغيرات حسب الفئة والحاجة. ويبدو أن المستهلكين باتوا يتمتعون بذكاء حاد عند الإنفاق، وقد غيروا عادات التسوق الخاصة بهم وقاموا بالتداول بأسعار اقل في عدة فئات. غير أنّ الجودة والسلامة والصحة تبقى من الصفات الرئيسية التي تتسم بها عملية الشراء.
COMMENTS